دراسة من سدرة للطب تبتكر استخدام تركيب الجينوم الابتدائي في الكشف عن الأسباب الجينية للأمراض النادرة

الدراسة تنشئ مراجع جينومية شبه مكتملة لسكان الشرق الأوسط ، مما يحسن رسم خرائط التنوع الجيني ويساهم في دقة التشخيص
5 أبريل، 2025، الدوحة، قطر: أجرى باحثون في سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر، دراسة رائدة نشرتها مجلة “نيتشر جنتكس“، حيث كشفت عن الأسباب الجينية وراء الأمراض النادرة التي تستعصي على العلاج بين مجموعات متنوعة من سكان منطقة الشرق الأوسط.
وتستعين الدراسة التي تحمل عنوان “جينومات شرق أوسطية شبه كاملة تُحسّن تحليل التماثل الذاتي وتُعزز اكتشاف المتغيرات المسببة للأمراض و تلك الخاصة بسكان المنطقة”، بأحدث تقنيات تركيب الجينوم الابتدائي “دي نوفو” والتسلسل طويل القراءة. كما توفر مرجعًا بالغ الأهمية للطب الدقيق وعلم الوراثة السكانية، حيث تسعى إلى سد ثغرات مهمة في الدراسات الجينومية العالمية.
ويعتبر تركيب الجينوم الابتدائي “دي نوفو” تقنية حاسوبية متطورة تُنشئ قراءة كاملة للسلسلة الجينومية من الصفر بدلاً من الاعتماد على مراجع الجينوم الموجودة مسبقًا؛ والتي تحوي العديد من الأخطاء والفراغات. ومن خلال استخدامها تقنية التسلسل طويل القراءة المتطورة، والتي تقرأ أجزاء كبيرة من الحمض النووي دون تجزئة، تقدم الدراسة التي أجراها باحثو سدرة للطب أولى الخرائط الجينومية للشرق الاوسط متميزة بدقة واكتمال غير مسبوقين عبر المنطقة. ويسهم هذا النهج في تحديد الطفرات المسببة للأمراض وكذلك التباينات الجينية الطبيعية.

وقال البروفيسور يونس مكراب، رئيس مختبر الجينوم الطبي والسكاني ومدير برنامج أبحاث علوم الأعصاب في سدرة للطب، والذي قاد الدراسة: “استخدمنا التسلسل طويل القراءة لاكتساب رؤى معمَّقة حول جينومات مجموعة من عائلات شرق أوسطية المصابة بأمراض نادرة، مما يُثبت أن التركيب الابتدائي دي نوفو يُمكن أن يكشف عن المتغيرات المسببة للأمراض التي ظلت غر معروفة لسنوات. كما نُوفر مرجعًا جينوميًا قيّمًا للمنطقة، ويُمثل ذلك نقلة نوعية في مجال الطب الدقيق، ويضمن عدم إقصاء الملايين من سكاننا في الأبحاث الجينومية بعد الآن.”
وحللت الدراسة الجينوم لدى ست عائلات من قطر والسودان والأردن وسوريا وأفغانستان، مُصابة باضطرابات مختلفة في النمو العصبي لم يتم الكشف عن اسبابها من قبل. وقد نتج عن ذلك واحدة من أكثر مجموعات البيانات الجينومية دقةً في المنطقة حتى الآن. وتُعدّ مجموعات الجينوم عالية الجودة هذه، والتي تفرق بالكامل بين الحمض النووي للأم والأب، موردًا أساسيًا لتحسين التشخيصات السريرية وتطوير الأبحاث الخاصة بعلاج الأمراض النادرة.
وأضاف البروفيسور إيفان آيكلر، أستاذ علوم الجينوم بجامعة واشنطن بالولايات المتحدة والمؤلف المشارك في الدراسة: “نحن أمام دراسة مثيرة للاهتمام لأنها تسعى إلى فهم مجموعة كاملة من المتغيرات الجينية الكامنة وراء المرض، وهو أمرٌ مهمٌ لاكتشاف المتغيرات المسببة للمرض وفهم تباين النمط الظاهري للمريض. ويُمثل هذا النهج مستقبل البحث السريري. عائلة لديها حالة تأخر في النمو تستعصي على الحل تستحق هذا النوع من الفحص.”
تأتي هذه الدراسة في وقت لا تزال فيه العديد من الفئات السكانية غير ممثلة تمثيلًا كافيًا في مراجع الجينوم الحالية؛ بالرغم من التقدم الهائل في علم الوراثة البشرية،. وتُسلّط دراسة سدرة للطب الضوء على ضرورة استغلال تسلسل القراءة الطويلة في إنشاء مجموعات جينوم دقيقة تغني عن سلبيات استخدام المراجع ، وتثبت لأول مرة ان ذلك يحسن من تحديد الطفرات المُسببة للأمراض ويُعزز التحليلات الجينية السكانية.
وقال البروفيسور خالد فخرو، رئيس قسم الأبحاث في سدرة للطب والمؤلف المشارك للدراسة: “يقود سدرة للطب جهودا رائدة في مجال البحوث الجينومية على صعيد المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات. وتُظهر أحدث نتائجنا أن تقنيات التسلسل طويل القراءة المتطورة أصبحت أداةً أساسيةً للاكتشاف الجيني والطب الدقيق. وتُعدّ القدرة على تحديد المتغيرات المسببة للأمراض التي كانت غائبة سابقًا في مراجع الجينوم القياسية إنجازًا كبيرًا في علم الجينوم السريري”.
وسوف تسهم أيضا التسلسلات الجينية الجديدة التي تقدمها الدراسة في فهم تاريخ الهجرات البشرية والتركيبة السكانية في الشرق الأوسط، مما يُقدم رؤىً ثاقبةً من شأنها تعزيز البحوث التطورية والأنثروبولوجية.
وقال الدكتور حمدي مبارك، مدير الأبحاث والشراكات في معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة: “مع إصدارنا لمجموعة جديدة من قطر جينوم لاكثر من 25 ألف شخص، فإن وصول مراجع جينوم عالية الجودة مُصممة خصيصًا لذوي الأصول الشرق أوسطية يأتي في الوقت المناسب ويكتسب أهمية بالغة. وسوف يساعدنا ذلك في توضيح التباين الجيني الخاص بهؤلاء السكان ومدى تأثيره على الصحة والمرض”.
واختتم البروفيسور مكراب قائلاً: “هدفنا التالي كمجتمع بحثي هو توسيع نطاق مراجع الجينوم الشرق أوسطية لاستيعاب التنوع الجيني للمنطقة بشكل كامل، والاستفادة من الجهود المشتركة والاستغلال الأمثل للموارد. كما نحتاج إلى دمج جينومات الشرق الأوسط في مبادرات البانجينوم العالمية بشكل منسق. ونتطلع إلى مواصلة تعاوننا وشراكاتنا مع نظرائنا في المنطقة والعالم في هذا المجال الحيوي، لتعظيم أثر أبحاثنا الجينومية الجماعية على نطاق عالمي.”
وتسلط الدراسة التي حظيت بدعم سدرة للطب وبرنامج قطر للجينوم والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، الضوء على التزام سدرة للطب بدفع مسيرة الابتكار في الطب الدقيق وتحسين نتائج الرعاية الصحية.
للمزيد من التفاصيل حول أبحاث سدرة للطب، يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني: https://www.sidra.org/research. للاطلاع على الدراسة كاملة، اضغط هنا.